من لـم يسعفـه الحظ بالتجـوّل فى محافظـات مصر، حتمـا طاف من خلال كلمات الشـاعر صلاح جاهين "أحسن نـاس"، التى تغنت بهـا المطربــة داليدا، وقام بجولـة سياحية زار وتعرف فيها على سوهاج والإسماعيلية والإسكندرية والمحلة وشبـرا، فضلا عن أن الأغنية أخذته على جناحيها ورفرفت بـه عاليا على كوبـرى بنها.
فمـن خــلال الأغنيـة عرفنـا أن "سوهـــاج بلد المـواويل ، سوهــاج برج الزغاليل ، سوهــاج دى عروسة النيـل".
هكذا يجب أن يكـون الفن والغناء، مرآة عاكسة لصورة البلد، فالفن هو الصورة التى يرى من خلالها الآخر جمال البلدان.
لذا فمن الخطــأ أن ننقــل الواقــع بعشوائياته، ونصـدره للعالم فى صـورة مسيئـة، فمن مهـام الفن أن يخلق واقعــا جميـلا، وأن يرسم حيـاة أفضل يقول من خلالها، هـذا هـو الواقـع الذى يجب أن نعيشه، وهـذا مايؤكـده موندريان فى قوله "الفن تعويض لانعدام التوازن في الواقع الراهن،بين الإنسان والعالم الذي يعيش فيه، وكلما إزداد الواقع اقتـرابـا من التـوازن المطلوب، تناقصت الحاجـة إلى الفن".
فسكان العشوائيات، عندما يذهبون إلى السينما، يذهبون لمشاهدة صورة تخرجهــم من الـواقــع الأليــم، والحــزانى يبحثــون عن كلمــات تفـرحهـم وتنسيهـم حزنهـم، والذين لــم يــزوروا أثــار بلادهـــم، يبحثون عنها في برامج خمسة سياحة.
ولاننسى أغنيــة محمد العزبى "الاقصر بلدنــا بلد ســواح" وأغنية محمد عبدالوهاب "محلاهـا عيشة الفــلاح"، وغيرهـا من الأغانى، التى تسـر النفس، وتبعث على الفخـر والسـرور، مثـل أغنيـة "فيها حاجـة حلـوة" التى كتب كلماتها أيمن بهجت قمر، وغنتها ريهام عبدالحكيم، التى تقول كلماتها "فيها حاجة حلوة، حاجة حلوة بينا، حاجة كل مدى تزيد زيادة فيها إن، فيهـا نيـة صافيـة، فيهـا حاجــة دافيـة، حاجـة بتخليك تتبت فيها سِنة سِنة " .
ولا يتوقف دور الفن عند هذا الحد، بل يتخطاه إلى المساهمة فى الترويج والدعاية للبلد، فمن لم تبهره الجنائن والجبـال الخضراء فى الأفـلام، التى تـم تصويـرهـا فى لبنان، ومن لـم يبهـره سحـر الأفـلام الهنديـة، بأغانيها واستعراضاتها، فالتصقت فى ذهنه حدائق لبنان، وبهرجة الهند؟
إن أغنيـة مصنوعـة بحب، من الممكن أن تؤدى مهمة سفير، بل وتتفوق على أداء السفير، فالسفير يمارس مهام منصبه من خلال مكتبه، أما الفن فيمارس دوره على أرض الواقع، بين الجماهير .
ــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: بهاء الدين حسن






